كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم على الأمة شفوقاً وللّه ناصحاً وبالمؤمنين رحيماً ‏{‏عزيز عليه ما عنتم‏}‏ الآية حريص على المؤمنين أن يوصلهم إلى الإيمان مع زينة الإسلام وبهاء الإيمان فعلمهم تناول الطعام والشراب واللباس وغير ذلك من كل ما للنفس فيه حق وقال في التنزيل ‏{‏لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة‏}‏ فطهره اللّه وأدّبه وأحيا قلبه فقبل أدبه فصار مؤدباً مهذباً مطهراً فأمرنا بالإقتداء به‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ لكنه لم يسنده كما يوهمه صنيع المؤلف بل قال حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق البصري يرفعه إلى أبي هريرة هذه عبارته‏.‏

1692 - ‏(‏إن اللّه أمرني بحب أربعة‏)‏ من الرجال ‏(‏وأخبرني أنه يحبهم‏)‏ قيل‏:‏ بينهم لنا يا رسول اللّه قال ‏(‏علي‏)‏ بن ‏[‏ص 215‏]‏ أبي طالب ‏(‏منهم‏)‏ العلم الذي لا يلتبس والفرد الذي لا يشتبه فلا حاجة لوصفه قال السعد التفتازاني لم يرد في الفضائل ما روي لعلي رضي اللّه عنه ‏(‏وأبو ذر‏)‏ الغفاري جندب بن جنادة من السابقين الأولين كان عظيماً طويلاً زاهداً متقللاً مات بالربذة سنة اثنين وثلاثين ‏(‏والمقداد‏)‏ بن عمرو بن ثعلبة الكندي اشتهر بابن الأسود لأنه كان في حجر الأسود بن عبد يغوث وهو قديم الإسلام والصحبة مات سنة ثلاث وثلاثين عن سبعين سنة ‏(‏وسلمان‏)‏ الفارسي مولى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يعرف بسلمان الخير أصله من فارس كان مجوسياً ساد في الإسلام وسبب إسلامه مشهور وصار من خيار الصحابة وفضلائهم وزهادهم وكفى بهذا الحديث له شرفاً، قالوا عاش ثلاث مئة وخمسين سنة ومات في خلافة عمر أو عثمان رضي اللّه عنهما‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ وقال غريب حسن ‏(‏ه ك‏)‏ في فضائل الصحب عن شريك عن أبي ربيعة الإبادي عن ابن بريدة ‏(‏عن بريدة‏)‏ الأسلمي قال الحاكم على شرط مسلم وتعقبه الذهبي بأنه لم يخرج لأبي ربيعة وهو صدوق‏.‏

1693 - ‏(‏إن اللّه أمرني أن أزوج فاطمة‏)‏ الزهراء رضي اللّه تعالى عنها ‏(‏من علي‏)‏ بن أبي طالب كرم اللّه وجهه قاله لما خطبها غيره كأبي بكر وعمر رضي اللّه تعالى عنهما فرده وزوجه إياها والمختار أنه زوجها في غيبته فلما جاء أخبره بأن اللّه أمره بذلك فقال‏:‏ رضيت‏.‏ ومن خصائص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أنه يزوج من شاء لمن شاء واختلف في صداقها كيف كان قال المحب الطبري في كتاب ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى‏:‏ يشبه أن يكون عقد فاطمة على علي رضي اللّه عنهما وقع على الدرع وبعث بها عليّ ثم ردها إليه النبي صلى اللّه عليه وسلم ليبيعها فباعها وأتاه بثمنها من غير أن يكون بين الحديثين الواردين في ذلك تضاد وقد ذهب إلى مدلول كل منهما قائل به فقال بعضهم كان مهرها الدرع ولم يكن إذ ذاك لا بيضاً ولا صفراً وقال بعضهم كان أربع مئة وثمانين فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يجعل ثلثها في الطيب‏.‏

أخذ بعضهم من هذا الخبر أن نكاح القرابة القريبة ليس خلاف الأولى كما يقول الشافعية، وأجيب بأن علياً كرم اللّه وجهه قريب بعيد إذا المراد بالقرابة القريبة من هي في أول درجات الخؤولة والعمومة، وفاطمة رضي اللّه تعالى عنها بنت ابن عم فهي بعيدة ونكاحها أولى من الأجنبية وأما الجواب بأن علياً رضي اللّه تعالى عنه لم يكن إذ ذاك كفؤاً لفاطمة سواه فمطعون فيه بأن أباه كافر وأبوها سيد البشر‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي رجاله ثقات‏.‏

1694 - ‏(‏إن اللّه أمرني أن أسمي المدينة طيبة‏)‏ بالفتح والتخفيف مؤنث طيب بالفتح لغة في طيب بكسر الطاء الرائحة الحسنة أو صاحبها أو تخفيف الطيب تأنيث الطيب بالفتح والتشديد أي الطاهرة التربة أو من النفاق أو من الشرك، سماها بذلك لأنه سبحانه طيبها بهجرته إليها وجعلها محل نصرته وموضع تربته ولها أسماء كثيرة قال ابن القيم ويكره تسميتها يثرب كراهة شديدة وإنما حكاه اللّه عن المنافقين‏.‏

- ‏(‏طب عن جابر بن سمرة‏)‏‏.‏

1695 - ‏(‏إن اللّه أمرني بمداراة الناس-وقد امتثل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمر ربه فبلغ في المداراة النهاية التي لا ترتقى، وبالمداراة واحتمال الأذى يظهر الجوهر النفسي، وقد قيل لكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل المداراة فما من شيء يستدل به على قوة عقل الشخص ووفور علمه وحلمه كالمداراة، والنفس لا تزال تشمئز ممن يعكس مرادها ويستفزها الغضب وبالمداراة تنقطع حمية النفس ويرد طيشها ونفورها- أي بملاطفتهم وملاينتهم ومؤاخاتهم والتحبب إليهم، ويهمز ولا يهمز، والأمر ‏[‏ص 216‏]‏ للوجوب بدليل قوله ‏(‏كما أمرني بإقامة الفرائض‏)‏ وفي رواية بدله القرآن أي أمرني بملاطفتهم قولاً وفعلاً والرفق بهم وتألفهم ليدخل من يدخل منهم في الدين ويتقي المسلمون شر من قدر عليه الشقاء، ومن ثم قال حكيم‏:‏ هذا الأمر لا يصلحه إلا لين من غير ضعف وشدة من غير عنف وهذه هي المداراة أما المداهنة وهي بذل الدين لصلاح الدنيا فمحرمة مذمومة وعلم مما تقرر أن أمره بالمداراة لا يعارض أمره بالإغلاظ على الكفار وبعثه السيف لأن المداراة تكون أولاً فإن لم تفد فالإغلاظ فإن لم يفد فالسيف‏.‏

- ‏(‏فر عن عائشة‏)‏ وفيه أحمد بن كامل أورده الذهبي في الضعفاء وقال الدارقطني كان متساهلاً وبشر بن عبيد الدارمي قال الذهبي ضعيف جداً وقال في الميزان بشر بن عبيد كذبه الأزدي وقال ابن عدي منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر‏.‏

1696 - ‏(‏إن اللّه أنزل الداء والدواء‏)‏ أي ما أصاب أحد داء إلا قدر له شفاء قال الحرالي‏:‏ والداء ما يوهن القوى ويغير الأفعال الغامة للطبع والاختيار، والبرؤ تمام التخلص من الداء والمراد بإنزاله إنزال الملائكة الموكلين بمباشرة مخلوقات الأرض من الداء والدواء ‏(‏وجعل لكل داء دواء‏)‏ أي خلق ذلك وجعله شفاء يشفي من الداء وحكمة تعلق الأسباب بالمسببات لا يعلم حقيقتها إلا عالم الخفيات ‏(‏فتداووا‏)‏ ندباً أمر بالتداوي لمن أصابه مرض، أما السليم فلا ينبغي له التداوي-أي لأن الدواء إذا لم يجد في البدن ما يحللّه أو وجد داء لا يوافقه أو وجد ما يوافقه ولكن زادت كميته عليه تشبث بالصحة وعبث بها في الإفساد والتحقيق أن الأدوية من جنس الأغذية فمن غالب أغذيتهم مفردات كأهل البوادي فأمراضهم قليلة جداً وطبهم بالمفردات، ومن غالب أغذيتهم مركبات كأهل المدن يحتاجون إلى الأدوية المركبة أو سبب ذلك أن أمراضهم في الغالب مركبة وهذا برهان بحسب الضيافة الطبية- لأن الدواء إذا لم يصادف داء ضر‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وقوله فتداووا مطلق له شيوع فلذلك قال ‏(‏ولا تداووا بحرام‏)‏-وقد استدل الإمام أحمد بهذا الحديث وحديث إن اللّه لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها على أنه لا يجوز التداوي بمحرم ولا بشيء فيه محرم كألبان الإتن واللحوم المحرمات والترياق- يعني أنه تعالى خلق لكل داء دواء حراماً كان أو حلالاً فلا تداووا بالحرام أي يحرم عليكم ذلك ‏{‏إن اللّه لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها‏}‏ فالتداوي بمحرم محرم والأصح عند الشافعية حل التادوي بكل نجس إلا الخمر والخبر موضعه إذا وجد دواء طاهراً يغني عن النجس جمعاً بين الأخبار ‏.‏

أخرج حميد بن زنجوية أن أناساً جاؤوا إلى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من الأنصار فقالوا إن أخانا استسقى بطنه أفتأذن لنا أن نداويه قال بماذا قال يهودي هنا يشق بطنه فكره ذلك وقال لا آذن، حتى جاؤوه مرتين أو ثلاثاً وفي كل ذلك يأبى حتى قال افعلوا فدعوا له اليهودي فشق بطنه ونزع منه فرخاً عظيماً ثم غسل بطنه ثم خاطه ثم داواه فصح وبرئ فرآه المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وسلم وهو مار بالمسجد فقال أليس ذلك بفلان قالوا بلى فقال ادعوه إليَّ فنظر إلى بطنه فوجده قد صح فقال إن الذي خلق الداء جعل له دواء إلا السام‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الطب ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ قال الصدر المناوي فيه إسماعيل بن عياش وفيه مقال‏.‏

1697 - ‏(‏إن اللّه تعالى أنزل بركات‏)‏ أي كرامات ‏(‏ثلاثاً‏)‏ من السماء كما في رواية وهي ‏(‏الشاة والنخلة والنار‏)‏ سماها بركات وساقها في معرض الامتنان لأن الشاة عظيمة النفع في الدر والنسل وتلد الواحدة اثنين وثلاثاً بل وأربعاً في بطن ‏[‏ص 217‏]‏ وثمر النخل هو الجامع بين التلذذ والتغذي وبذلك تميز عن سائر الفواكه‏.‏ والنار لابد منها لقيام نظام هذا العالم‏.‏

- ‏(‏طب عن أم هانئ‏)‏ قالت‏:‏ دخل صلى اللّه عليه وسلم فقال ما لي لا أرى عندك من البركات شيئاً قلت وأي بركات تريد فذكره قال الهيثمي وفيه النضر بن حميد وهو متروك‏.‏

1698 - ‏(‏إن اللّه تعالى أوحى إليّ‏)‏ وحي إرسال وزعم أنه وحي إلهام خلاف الأصل والظاهر بلا دليل والوحي إعلام في خفاء ‏(‏أن‏)‏ أي بأن ‏(‏تواضعوا‏)‏ بخفض الجناح ولين الجانب وأن مفسرة ‏(‏حتى لا يفخر أحد‏)‏ منكم ‏(‏على أحد‏)‏ بتعدد محاسنه كبراً ورفع قدر نفسه على الناس تيهاً وعجباً-قال أبو زيد‏:‏ ما دام العبد يظن أن في الخلق من هو شر منه فهو متكبر قال بعضهم‏:‏ رأيت في المطاف إنساناً بين يديه شاكريه يمنعون الناس لأجله عن الطواف ثم رأيته بعد ذلك على جسر بغداد يسأل الناس فعجبت منه فقال إني تكبرت في موضع يتواضع فيه الناس فابتلاني اللّه بالذل في موضع ترتفع فيه الناس وقال بعضهم‏:‏ الشرف التواضع، والعز في التقوى، والحرية في القناعة- قال ابن القيم‏:‏ والتواضع انكسار القلب للّه-وقيل التواضع في الاستسلام للحق وترك الاعتراض على الحكم من الحاكم، وقيل قبول الحق ممن قاله صغيراً أو كبيراً، شريفاً أو وضيعاً، حراً أو عبداً، ذكراً أو أنثى- وخفض جناح الذل والرحمة للخلق حتى لا يرى له على أحد فضلاً ولا يرى له عند أحد حقاً بل والحق له‏.‏ والفخر ادعاء العظم قال الطيبي‏:‏ وحتى هنا بمعنى كي ‏(‏ولا يبغي‏)‏ بنصبه عطفاً على تواضعوا أي لا يجوز ولا يتعدى ‏(‏أحد‏)‏ منكم ‏(‏على أحد‏)‏ ولو ذمَّياً أو معاهداً أو مؤمَّناً، والبغي مجاوزة الحد في الظلم قال الطيبي‏:‏ المراد أن الفخر والبغي شحناء الكبير لأن المتكبر هو الذي يرفع نفسه فوق منزلته فلا ينقاد لأحد، قال المجد ابن تيمية‏:‏ نهى اللّه على لسان نبيه عن نوعي الاستطالة على الخلق وهي الفخر والبغي لأن المستطيل إن استطال بحق فقد افتخر أو بغير حق فقد بغى فلا يحل هذا ولا هذا فإن كان الإنسان من طائفة فاضلة كبني هاشم أو غيرهم فلا يكن حظه استشعار فضل نفسه والنظر إليها فإنه مخطئ، إذ فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص فرب حبشي أفضل عند اللّه من جمهور قريش، ثم هذا النظر يوجب نقصه وخروجه عند الفضل فضلاً عن استعلائه بهذا واستطالته به‏.‏ وأخذ منه أنه يتأكد للشيخ التواضع مع طلبته ‏{‏واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين‏}‏ وإذا طلب التواضع لمطلق الناس فكيف لمن له حق الصحبة وحرمة التودّد وصدق المحبة لكن لا يتواضع معهم مع اعتقاد أنهم دونه فقد قال ابن عطاء اللّه رضي اللّه عنه‏:‏ من أثبت لنفسه تواضعاً فهو المتكبر حقاً فالتواضع لا يكون إلا عن رفعة مع عظمة واقتدار، ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع بل الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع اهـ‏.‏

- ‏(‏م د ه عن عياض‏)‏ بكسر أوله وتخفيف التحتية وآخره معجمة ‏(‏بن حمار‏)‏ بكسر المهملة وخفة الميم المجاشعي تميمي عد في البصريين له وفادة وعاش إلى حدود الخمسين‏.‏

1699- إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا، ولا يبغي بعضكم على بعض‏.‏

‏[‏الحديث بدون شرح‏.‏ انظر شرح الحديث السابق‏:‏ 1698- إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد‏]‏

- ‏(‏خد ه‏)‏ عن أنس

1700 - ‏(‏إن اللّه أيدني‏)‏ أي قواني والتأييد التقوية ومنه ‏{‏والسماء بنيناها بأيد‏}‏ أي بقوة ‏(‏بأربعة وزراء‏)‏ قيل من هؤلاء الأربعة يا رسول اللّه، قال‏:‏ ‏(‏اثنين من أهل السماء، جبريل وميكائيل، واثنين من أهل الأرض، أبي بكر وعمر‏)‏ ‏[‏ص 218‏]‏ فأبو بكر رضي اللّه عنه يشبه بميكائيل عليه السلام للينه ورأفته‏:‏ وعمر رضي اللّه عنه يشبه بجبرائيل عليه السلام لشدته وصلابته في أمر اللّه، وناهيك بها منزلة للشيخين قامعة للرافضة، قاصمة ظهورهم، ناعية عليهم‏.‏

- ‏(‏طب حل‏)‏ وكذا الخطب كلهم ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وفيه عندهم محمد بن محبب الثقفي قال الخطيب‏:‏ سئل عنه ابن معين فقال كذاباً عدو اللّه‏.‏

1701 - ‏(‏إن اللّه تبارك وتعالى بارك ما بين‏)‏ أي فيما بين ‏(‏العريش‏)‏ على وزن فعيل مدينة بالشام على البحر الرومي، حده عرضاً من مدينة برقاء التي على ساحل البحر الرومي إلى أيلة التي على ساحل بحر القلزم وينسب إلى مصر وقيل إن حد مصر ينتهي إليه ‏(‏والفرات‏)‏ بضم الفاء وتخفيف الراء النهر المشهور الذي هو أحد أنهار الجنة ويكفي في حقه شرفاً هذا الخبر والخبر الآتي أنه ينزل فيه كل يوم مثاقيل من الجنة ‏(‏وخص فلسطين‏)‏ بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة وكسر الطاء، ناحية كبيرة وراء الأردن من أرض الشام فيها عدة مدن، منها بيت المقدس والرملة وعسقلان ذكره السمعاني، وقال ابن الأثير‏:‏ كورة معروفة ما بين الأردن وديار مصر وأم بلادها بيت المقدس ‏(‏بالتقديس‏)‏ أي بالتطهير لبقعتها لأنها أول بلادها أو قاعدتها وتحتها بيت المقدس‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن زهير بن محمد‏)‏ ابن قمير المروزي، قال البغوي‏:‏ ما رأيت ببغداد بعد أحمد أفضل منه ‏(‏بلاغاً‏)‏ أي أنه قال بلغنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ذلك‏.‏

1702 - ‏(‏إن اللّه بعثني‏)‏ أرسلني ‏(‏رحمة مهداة‏)‏ للمؤمنين وكذا الكفار بتأخير العذاب، والهدية ما تبعث على وجه الإكرام ونحوه ‏(‏بعثت برفع قوم‏)‏ بالسبق إلى الإيمان وإن كانوا من ضعفاء العباد ‏(‏وخفض آخرين‏)‏ وهم من أبى واستكبر وإن بلغ من الشرف المقام الأفخر لكنه لم ينجع فيه الآيات والنذر بمعنى أنه يضع قدرهم ويذلهم باللسان والسنان وكان عنده مزيد الرحمة للمؤمنين، وغاية الغلظة على الكافرين، فاعتدل فيه الإنعام والانتقام ولم يكن له همة سوى ربه فعاشر الخلق بخلقه وباينهم بقلبه‏.‏

قال ابن عربي رضي اللّه تعالى عنه‏:‏ إن العقل يستقل بنفسه في أمر وفي أمر لا يستقل، فلا بد من موصل إليه مستقل فلذلك بعثت الرسل وهم أعلم الخلق بالغايات والسبل‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

1703 - ‏(‏إن اللّه بنى الفردوس‏)‏ أي جنته وأصله بستان فيه شجر ملتف غالبه عنب جمعه فراديس رومي معرب ‏(‏بيده‏)‏ تأمل هذه المناسبة كيف جعل الجنة التي بناها بيده لمن خلقه بيده ولأفضل سلالته اعتناء وتشريفاً وإظهاراً لفضل ما خلقه بيده وشرفه وميزه بذلك عن غيره فهذه الجنة في الجنان كآدم عليه السلام في نوع من الحيوان ‏(‏وحظرها‏)‏ أي منعها وحرم دخولها ‏(‏على كل مشرك‏)‏ يعني كافر بأي كفر كان وخص المشرك لغلبة الإشراك في العرب ‏(‏وعلى كل مدمن خمر سكير‏)‏ بالكسر والتشديد أي كل ملازم للخمر مداوم عليها مبالغ في تعاطي ما يسكره ولا حاجة لتنزيله هنا على المستحل لأن الجنان كثيرة زلا مانع من حرمانه لأعلاها‏.‏

- ‏(‏هب وابن عساكر‏)‏ في تاريخه عن ‏(‏أنس‏)‏ وفيه أي عند البيهقي عبد الرحمن بن عبد الحميد قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال ابن يونس أحاديثه مضطربة ويحيى بن أيوب، فإن كان الغتافقي فقد قال النسائي وغيره غير قوي أو البلخي فضعفه ابن معين‏.‏

1704 - ‏(‏إن اللّه تجاوز‏)‏ أي عفا من جازه يجوزه ‏[‏ص 219‏]‏ إذا تعداه وعبر عليه ‏(‏لأمتي‏)‏ أمة الإجابة وفي لفظ رواية البخاري تجاوز لي عن أمتي ‏(‏عما‏)‏ وفي رواية لمسلم ما ‏(‏حدثت‏)‏ في رواية للبخاري وسوست ‏(‏به أنفسها‏)‏ وفي رواية له صدورها مع أنفسها قال النووي رحمه اللّه عقب إيراده هذا الحديث قال العلماء المراد به الخواطر التي لا تستقر قالوا وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفراً أو غيره فمن خطر له الكفر مجرد خطور من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه اهـ وقوله أنفسها رفع على الفاعلية أي قلوبها قيل وهو أصوب ويدل عليه حديث إن أحدنا يحدث نفسه بل قال القرطبي إنه الرواية أي لم يؤاخذهم بما يقع في قلوبهم من القبائح قهراً وقال الأكمل أنفسها بالرفع والنصب والرفع أظهر والنصب أشهر ووجهه محادثة المرء نفسه المسماة عند البلغاء بالتجريد-وفي العلقمي قلت والذي تحصل عندي من مجموع كلامهم أن الهاجس والخاطر لا يؤاخذ بهما وأما حديث النفس والهم فإن صحبهما قول أو فعل يؤاخذ بهما وإلا فلا وهذا هو الذي ينبغي اعتماده بل هو الوجه الذي لا يعدل عنه إلى غيره وأما العزم فالمحققون على أنه يؤاخذ به وخالف بعضهم اهـ- ‏(‏ما لم تتكلم به‏)‏ أي في القوليات باللسان على وفق ذلك ‏(‏أو تعمل به‏)‏ في العمليات بالجوارح كذلك وفي رواية لمسلم ما لم يتكلموا به أو يعملوا به أي فيؤاخذوا حينئذ بالكلام أو بالعمل فقط، ويحتمل أن يؤاخذوا به وبحديث النفس أيضاً وعليه السبكي في الحلبيات وإذا لم يحصل كلام ولا عمل فلا مؤاخذة بحديث النفس ما لم يبلغ حد الجزم وإلا أوخذ به حتى لو عزم على ترك واجب أو فعل محرم ولو بعد سنين أثم حالاً وقال ابن العربي رضي اللّه تعالى عنه‏:‏ خلق اللّه القلوب سيالة مطربة على الخواطر ميالة إلى كل طارئ عليها حاضراً أو غائباً، محالاً أو جائزاً، حقاً أو باطلاً، معقولاً أو متخيلاً، وللّه الحكمة البالغة، والحجة الغالبة، ثم عطف بفضله فعفى عن كل ما يخطر للمرء بقلبه، حتى يكون به مرتبطاً وعليه عازماً، فحينئذ يكون به نفسه متكلماً وهو الكلام الحقيقي، فإن خالفه القول كان هذياناً اهـ‏.‏ وفيه أن المجاوزة خصوصية لهذه الأمة، وأنه إذا حدث نفسه بطلاق ولم ينطق به لا يقع، وعليه الشافعي رضي اللّه تعالى عنه خلافاً لمالك وأنه لو عزم على الظهار فلا كفارة وأنه لو حدث نفسه في صلاته لم تبطل وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏ق 4 عن أبي هريرة طب عن عمران بن حصين‏)‏ بالتصغير وفيه من طريق الطبراني المسعودي وقد اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح ذكره الهيثمي‏.‏

1705 - ‏(‏إن اللّه تجاوز لي‏)‏ أي لأجلي ‏(‏عن أمتي الخطأ‏)‏ أي عن حكمه أو عن إثمه أو عنهما‏.‏ وهو أقرب لفقد المرجح وعموم التناول ولا ينافيه ضمان المخطئ للمال والدية ووجوب القضاء على المصلي محدثاً أو يحدث ناسياً وإثم المكره على القتل لخروجها بدليل منفصل والمراد بالخطأ ضد العمد وهو أن يقصد شيئاً فيخالف غير ما قصد لا ضد الصواب خلافاً لزاعمه لأن تعمد الإثم يسمى خطئاً بالمعنى الثاني ولا تمكن إرادته هنا ولفظه يمد ويقصر ‏(‏والنسيان‏)‏ بكسر النون ضد الذكر والحفظ ويطلق على الترك وليس مراداً هنا ‏(‏وما استكرهوا‏)‏ أي الأمة وذكره نظراً للمدلول لا للفظ ‏(‏عليه‏)‏ أي حملوا على فعله قهراً وشرطه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به مما يؤثر العاقل الإقدام على المكره عليه والمراد رفع الإثم وفي ارتفاع الحكم خلف والشافعي في الجمهور على الارتفاع‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي ذر‏)‏ الغفاري ‏(‏طب ك‏)‏ كلاهما ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وقال الحاكم صحيح على شرطهما ‏(‏طب عن ثوبان‏)‏ الهاشمي مولى المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم وسنده كما قال الهيثمي فالإسناد الأول صحيح دون الثاني‏.‏

‏[‏ص 220‏]‏ 1706 - ‏(‏إن اللّه تصدق‏)‏ بفتح الصاد وشد الدال ‏(‏بفطر رمضان‏)‏ أي يتعاطى المفطر فيه نهاراً ترخيصاً ‏(‏على مريض أمتي‏)‏ أي مرضاً يشق معه الصوم لحاجته للدواء والغذاء بحسب تداعي جسمه فكان فطره رخصة لموضع تداويه واغتذائه ‏(‏ومسافرها‏)‏-أي سفراً يباح فيه قصر الصلاة فيباح لكل منهما الفطر مع وجوب القضاء لكن المسافر بعد تلبسه بالصوم فلا يباح الفطر في اليوم الأول إلا إن تضرر اهـ- لما يحتاجه المسافر من اغتذائه لوفور نهضته في عمله في سفره ولئلا يجتمع عليه كلفتان فتتضاعف عليه المشقة ‏{‏وما جعل عليكم في الدين من حرج‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن عائشة‏)‏ وهو حسن‏.‏

1707 - ‏(‏إن اللّه تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم‏)‏ أي مكنكم من التصرف فيها حالتئذ بالوصية وغيرها فتصح الوصية بالثلث ولو مع وجود وارث خاص ومخالفته ‏(‏وجعل ذلك زيادة لكم في أعمالكم‏)‏ فأجر الوصية بذلك من أعمال الميت التي يثاب عليها إن قبلت، وأخذ جمع من مخاطبة الصحب بذلك وجعله زيادة في العمل أنه خاص بالمسلمين لاختصاصهم بزيادة الأعمال ومذهب الشافعية خلافه ومن خصائص نبينا صلى اللّه عليه وسلم أن له أن يوصي بالتصدق بجميع ماله في سائر أحواله من غير حرمة ولا كراهة لأنه لا يورث كسائر الأنبياء‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ وفيه حفص بن عمر الأيلي قال ابن عدي أحاديثه كلها منكرة المتن والسند وساق هذا منها ‏(‏طب عن معاذ‏)‏ بن جبل قال الهيثمي‏:‏ وفيه عتبة بن أحمد الضبي وثقه ابن حبان وضعفه أحمد ‏(‏وعن أبي الدرداء‏)‏ وكذا رواه عنه أحمد والبزار قال الهيثمي‏:‏ وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط انتهى وساق الحافظ ابن حجر رحمه اللّه الحديث ثم قال وإسناده ضعيف‏.‏

1708 - ‏(‏إن اللّه جعل الحق‏)‏ يعني أجراه ‏(‏على لسان عمر‏)‏ فكان كالسيف الصارم والحسام القاطع‏.‏ قال الطيبي‏:‏ جعل بمعنى أجرى فعداه بعلى وفيه معنى ظهور الحق واستعلانه على لسانه، ووضع جعل موضع أجراه إيذاناً بأن ذلك كان خلقياً ثابتاً لازماً مستقراً ‏(‏وقلبه‏)‏ فكان الغالب على قلبه جلال اللّه فكان الحق معتمله حتى يقوم بأمر اللّه وينفذ بقاله وحاله وفاء بما قلده اللّه الخلق من رعاية هذا الدين الذي ارتضاه لهم ومن ثم جاء في خبر إن غضبه عز ورضاه حكم وذلك لأن من غلب على قلبه سلطان الحق فغضبه للحق عز للدين ورضاه عدل لأن الحق هو عدل اللّه فرضاه بالحق عدل منه على أهل ملته ومعنى رضاه حكم أنه إذا رضي رضي للحق‏.‏ قال القاضي‏:‏ والحق الثابت الذي لا يسوغ إنكاره يعم الأعيان الثابتة والأخلاق الصائبة والأقوال الصادقة، من حق الأمر إذا ثبت، ومنه ثوب محقق محكم النسج‏.‏

- ‏(‏ه حم ت‏)‏ في المناقب ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الترمذي حسن صحيح اهـ‏.‏ وقال المناوي رضي اللّه عنه فيه عنده يعني الترمذي خارجة بن عبد اللّه ضعفه أحمد ‏(‏حم د ك‏)‏ في فضائل الصحب وصححه ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ الغفاري لكن لفظ رواية هؤلاء الثلاثة من حديث أبي ذر هذا يقول به بدل قوله وقلبه كما قاله ابن حجر في الفتح فإطلاق عزو المؤلف لهم غير قويم ‏(‏ع ك‏)‏ في الفضائل ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي ‏(‏طب عن بلال‏)‏ بن رباح بفتح الراء وخفة الموحدة العبد الحبشي المؤذن أسلم فعذب فاشتراه أبو بكر رضي اللّه عنه فأعتقه‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط ‏(‏وعن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان، قال الهيثمي‏:‏ فيه ضعفاء سليمان الشاذكوني وغيره‏.‏

1709 - ‏(‏إن اللّه جعل‏)‏ لفظ رواية أحمد والطبراني ضرب ‏(‏ما يخرج من ابن آدم‏)‏ من البول والغائط ‏(‏مثلاً للدنيا‏)‏ قال ‏[‏ص 221‏]‏ الزمخشري‏:‏ معناه أن المطعم وإن تكلف الإنسان التنوق في صنعته وتطييبه وتحسينه فإنه لا محالة عائد إلى حال يستقذر فكذا الدنيا المحروص على عمارتها ونظم أسبابها راجعة إلى خراب وإدبار اهـ‏.‏ وقال الديلمي هذا كناية عن البول والغائط يعني ما يخرج منه كان قبل ذلك ألواناً من أطعمة طيبة وشراباً سائغاً فصارت عاقبته ما ترون فالدنيا خضرة حلوة والنفس تميل إليها والجاهل بعاقبتها ينافس في زينتها ظاناً أنها تبقى أو هو يبقى انتهى‏.‏ فشهوات الدنيا في القلب كشهوات الأطعمة في المعدة وسوف يجد العبد عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهة والنتن والقبح ما يجده للأطعمة اللذيذة إذا انتهت إلى المعدة غايتها وكما أن في الأطعمة كلما كانت ألذ طعماً وأكثر دسماً وحلاوة كان رجيعها أقذر فكذا كل شهوة في النفس ألذ وأقوى فالتأذي بها عند الموت أشد كما أن تفجع الإنسان بمحبوبه إذا فقده يقوى بفقد محبة المحبوب وقد كان بعض الصوفية يقول لصحبه انطلقوا حتى أريكم الدنيا فيذهب إلى المزابل فيقول انظروا إلى ثماركم ودجاجكم وسكركم‏.‏

- ‏(‏حم طب هب عن‏)‏ أبي سعيد ‏(‏الضحاك بن سفيان‏)‏ بن عوف بن كعب الكلابي صحابي معروف من عمال المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قال‏:‏ قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما طعامك قلت اللحم واللبن قال ثم يصير إلى ماذا قال إلى ما قد علمت فذكره‏.‏ قال الهيثمي كالمنذري رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح غير علي بن جدعان وقد وثق انتهى والضحاك بن سفيان في الصحب اثنان فكان ينبغي تمييزه‏.‏

1710 - ‏(‏إن اللّه تعالى جعل الدنيا كلها قليلاً وما بقي منها إلا القليل كالثغب‏)‏ بمثلثة مفتوحة وغين معجمة ساكنة الغدير الذي قل ماؤه ‏(‏شرب صفوه وبقي كدره‏)‏ يعني أن مثل الدنيا كمثل حوض كبير ملئ ماء وجعل مورداً للأنام والأنعام فجعل الحوض ينقص على كثرة الوارد حتى لم يبق منه إلا وشل كدر في أسفله بالت في الدواب وخاضت فيه الأنعام فالعاقل لا يطمئن إلى الدنيا ولا يغتر بها بعد ما اتضح له أنها زائلة مستحيلة وأنه قد مضى أحسنها وأنها وإن ساعدت مدة فالموت لا محالة يدرك صاحبها ويخترمه‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الرقائق ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي‏.‏

1711 - ‏(‏إن اللّه جعل هذا الشعر‏)‏ أي الإشعار وهو أن يشق أحد جانبي سنام البعير حتى يسيل دمه ويجعل ذلك علامة تعرف أنها هدى ‏(‏نسكاً‏)‏ أي من مناسك الحج ‏(‏وسيجعله الظالمون نكالاً‏)‏ ينكلون به الأنعام بل الأنام يقال نكل به تنكيلاً أي جعله عبرة لغيره وما فهمه البعض من أن المراد شعر الرأس وأن المراد يجعل الظالمين له نكالاً أي بحلقه فباطل لأن النسك هو حلق بعض الرأس وليس حلقها نكالاً‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن‏)‏ الإمام العادل ‏(‏عمر بن عبد العزيز‏)‏ رضي اللّه عنه الخليفة الأموي ‏(‏بلاغاً‏)‏ أي أنه قال بلغنا عن رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ذلك وفيه مع إرساله ضعف‏.‏

1712 - ‏(‏إن اللّه جعل لكل نبي شهوة‏)‏ أي شيئاً يحبه ‏(‏وإن شهوتي في قيام هذا الليل‏)‏ أي في الصلاة فيه وهو التهجد ‏(‏إذا قمت‏)‏ إلى الصلاة فيه ‏(‏فلا يصلين أحد خلفي‏)‏ أي فإن التهجد واجب عليّ دونكم وبهذا أخذ جمع جم فعدوا من خصائصه من الواجبات عليه التهجد والأصح أنه كان كذلك ثم نسخ ‏(‏وإن اللّه جعل لكل نبي‏)‏ من الأنبياء ‏(‏طعمة‏)‏ ‏[‏ص 222‏]‏ بالضم أي رزقاً ‏(‏وإن طعمتي‏)‏ جعلها اللّه ‏(‏هذا الخمس‏)‏ من الفيء والغنيمة ‏(‏فإذا قبضت‏)‏ بالبناء للمجهول أي قبضني اللّه أي أماتني ‏(‏فهو‏)‏ أي الخمس ‏(‏لولاة الأمر من بعدي‏)‏ جمع وال وهو من ولي أمورهم من الخلفاء فمن دونهم وقد سبق تقريره موضحاً‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه إسحاق بن عبد اللّه بن كيسان عن أبيه وإسحاق لينه أبو حاتم وأبوه وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم وغيره‏.‏

1713 - ‏(‏إن اللّه جعل للمعروف‏)‏ أي لأجل القيام به ونشره في العالم وهو اسم جامع لما عرف من الطاعات وندب من الإحسان ‏(‏وجوهاً‏)‏ أي جماعات فكنى بالوجه عن الذات كما في قوله تعالى ‏{‏ويبقى وجه ربك‏}‏ ‏(‏من خلقه‏)‏ أي الآدميين بقرينة قوله ‏(‏حبب إليهم المعروف‏)‏ أي جبلهم عليه ‏(‏وحبب إليهم فعاله‏)‏ بكسر أوله أي أن يفعلوه مع غيرهم ‏(‏ووجه طلاب‏)‏ بالتشديد جمع طالب ‏(‏المعروف إليهم‏)‏ أي إلى قصدهم وسؤالهم لهم في فعله معهم ‏(‏ويسر عليهم إعطاءه‏)‏ أي سهل عليهم وهيأ لهم أسبابه ‏(‏كما يسر الغيث إلى الأرض الجدبة‏)‏ بجيم فدال مهملة اليابسة ‏(‏ليحييها‏)‏ فتخرج نباتها بإذن ربها ‏(‏ويحيي بها-وفي نسخ به والظاهر رجوع الضمير للغيث لكن رجعه المناوي للنبات فنسخة بها على حذف مضاف أي بنباتها- أهلها‏)‏ أي بما تخرج من النبات ‏(‏وإن اللّه جعل للمعروف أعداء من خلقه‏)‏ فهم بصدد منعه ما استطاعوا وعلى كل خير مانع ‏(‏بغض إليهم المعروف وبغض إليهم فعاله وحظر‏)‏ بالتشديد من الحظر وهو المنع والحرمان ‏(‏عليهم إعطاءه‏)‏ أي منعه عنهم وكف يدهم عنه وعسر عليهم أسبابه ‏(‏كما يحظر الغيث عن الأرض الجدبة ليهلكها ويهلك أهلها بها‏)‏ بعدم النبات ووقوع القحط، ويستفاد منه أن اللّه تعالى جعل هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير والرشاد وشرها أوعاها للبغي والفساد وقد جعل اللّه النفس مبدأ كل شيء أبداه في ذات ذي النفس فإنه تعالى يعطي الخير بواسطة وبغير واسطة ولا يجري الشر إلا بواسطة نفس ليكون في ذلك حجة للّه على خلقه ‏(‏وما يعفو‏)‏ اللّه ‏(‏أكثر‏)‏ أي أن الجدب يكون بسبب بغضهم للمعروف وشحهم وغير ذلك من أعمالهم القبيحة وأعمالهم الرديئة ونياتهم الخبيثة ومع ذلك فالذي يغفره اللّه لهم أكثر وأعظم مما يؤاخذهم به ‏{‏ولو يؤاخذ اللّه الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في قضاء الحوائج‏)‏ أي في كتابه الذي ألفه في فضل قضائها ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري وفيه عثمان بن سماك عن أبي هارون العبدي قال في اللسان عن العقيلي حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل ولا يعرف به‏.‏ وقال الزين العراقي‏:‏ رواه الدارقطني في المستجاد من رواية أبي هارون ضعيف ورواه الحاكم من حديث علي وصححه انتهى ورواه أيضاً أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ وأبو نعيم والديلمي من حديث أبيّ باللفظ المزبور‏.‏

1714 - ‏(‏إن اللّه تعالى جعل السلام‏)‏ بفتح السين المهملة ‏(‏تحية لأمتنا‏)‏ أمة الإجابة قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى فيه ‏[‏ص 223‏]‏ دلالة على أن السلام شرع لهذه الأمة دون من تقدمهم لكن يجيء في حديث خلق آدم أته تحيته وتحية ذريته ‏(‏وأماناً لأهل ذمتنا‏)‏ لأن معنى السلام عليك سلامة لك مني وأمان ذكره القرطبي وسببه قال محمد بن زياد الألهاني‏:‏ كان أبو أمامة يسلم على كل من لقيه فما علمت أحداً سبقه بالسلام إلا يهودياً مرة اختبأ خلف اسطوانة فخرج فسلم عليه فقال أبو أمامة ما حملك على ذلك قال رأيتك تكثر السلام فعلمت أنه فضل فأحببت أن آخذ به فقال‏:‏ حدثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره قال ابن حجر قالت طائفة منهم ابن وهب وعون يجوز ابتداء أهل الذمّة بالسلام استدلالاً بهذا ونحوه ولقوله تعالى ‏{‏لا ينهاكم اللّه عن الذين لم يقاتلوكم في الدين‏}‏ وقول إبراهيم عليه السلام لأبيه ‏{‏سلام عليك‏}‏ ولآية ‏{‏فاصفح عنهم وقل سلام‏}‏ وقال البيهقي بعد أن ساق حديث أبي أمامة هذا رأي أبي أمامة، وحديث أبي هريرة رضي اللّه عنه في النهي عن ابتدائهم أولى انتهى والجمهور على عدم جواز ابتدائهم به وحمل بعضهم المنع على ما إذا كان ابتداؤهم لغير سبب ولا ضرورة والجواز على اختياره قال النووي رضي اللّه عنه إذا اضطر إلى السلام بمن خاف ترتيب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم سلم‏.‏ قال ابن العربي رضي اللّه عنه وينوي حينئذ أن السلام اسم من أسماء اللّه فكأنه يقول هو رقيب عليكم-وكان نفطويه يقول إذا سلمت على ذمي فقلت أطال اللّه بقاءك وأدام سلامتك فإنما أريد الحكاية أي إن اللّه فعل به ذلك إلى هذا الوقت- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏هب‏)‏ كلاهما ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه عندهما بكر بن سهل الدمياطي ضعفه النسائي وغيره‏.‏

1715 - ‏(‏إن اللّه جعل البركة‏)‏ أي الزيادة والنماء ‏(‏في السحور‏)‏ أي في أكل الصائم وقت السحر بنية التقوي على الصوم ‏(‏والكيل‏)‏ أي في ضبط الحبوب وإحصائها بالكيل كما يفسره خبر كلوا طعامكم يبارك لكم فيه وذكر الغزالي رحمه اللّه تعالى وتبعه المؤلف أن الدابة ينبغي أن تعلف مكيلاً فإنها تنمو وتزيد‏.‏

- ‏(‏الشيرازي‏)‏ الحافظ محمد بن منصور ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب‏)‏ له ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

1716 - ‏(‏إن اللّه جعل عذاب هذه الأمة في الدنيا القتل‏)‏ أي يقتل بعضهم بأيدي بعض مع دعائهم إلى كلمة التقوى واجتماعهم على الصلاة وجعل القتل كفارة لما اجترحوه كما بينته أخبار أخرى‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث أحمد بن الحسين ابن إسحاق الصوفي عن عبد الرحمن بن صالح عن أبي بكر بن عياش عن أبي بردة ‏(‏عن عبد اللّه بن يزيد الأنصاري‏)‏ قال أبو بردة‏:‏ كنت عند زياد فجعلت الرؤوس تأتيه فأقول إلى النار فقال عبد اللّه‏:‏ أو لا تدري يا ابن أخي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال أبو نعيم غريب تفرد به ابن عياش عن أبي الحصين‏.‏

1717 - ‏(‏إن اللّه تعالى جعل ذرية كل نبي في صلبه‏)‏ أي في ظهره ‏(‏وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب-أي جعل أولاده من فاطمة دون غيرها فمن خصائصه صلى تعالى اللّه عليه وآله وسلم أن أولاد بناته ينسبون إليه اهـ-‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ الذرية من الذر بمعنى التفريق لأن اللّه تعالى ذرّهم في الأرض أو من الذره بمعنى الخلق فهو من الأول فعلية أو فعولة ذرورة قلبت الراء الثالثة ياء ومن الثاني فعولة أو فعيلة وهي نسل الرجل وقد أوقعت على النساء كقولهم للمطر سماء ومنه قول عمر حجوا بالذرية‏.‏

- ‏(‏طب عن جابر‏)‏ قال الهيثمي فيه يحيى بن العلاء وهو متروك وقال ‏[‏ص 224‏]‏ ابن الجوزي قال أحمد يحيى بن العلاء كذاب يضع وقال الدارقطني أحاديثه موضوعة اهـ‏.‏ وذكر في الميزان نحوه في ترجمة العلاء وأورد له أخباراً هذا منها ‏(‏خط عن ابن عباس‏)‏ قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح فيه ابن المرزبان قال ابن الكاتب كذاب ومن فوقه إلى المنصور ما بين مجهول وغير موثوق به انتهى وفي الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن محمد الحاسب لا يدري من ذا وخبره كذب رواه الخطيب ثم ساق هذا الخبر‏.‏

1718 - ‏(‏إن اللّه جعلها‏)‏ يعني زوجتك ‏(‏لك لباساً وجعلك لها لباساً وأهلي يرون عورتي وأنا أرى ذلك منهم‏)‏ يعني زوجاتي تحل لهم مني ويحل لي رؤيتها فلا ينافي قول عائشة رضي اللّه تعالى عنها ما رأيت منه ولا رأى مني ولما كانت المرأة والرجل يعتنقان ويشتمل كل منهما على صاحبه شبه باللباس أو لأن كلاً منهما يستر صاحبه ويمنعه من الفجور‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏طب عن سعد بن مسعود‏)‏ صوابه ابن محيصة بن مسعود الأنصاري قال الذهبي له ذكر وصحبة وفي التقريب قيل له صحبة أو رؤية وروايته مرسلة اهـ‏.‏ فالحديث مرسل‏.‏

1719 - ‏(‏إن اللّه جعلني عبداً كريماً‏)‏ أي متواضعاً سخياً ‏(‏ولم يجعلني جباراً‏)‏ أي مستكبراً متمرداً عاتياً ‏(‏عتيداً‏)‏ أي جائراً عن القصد مع العلم به‏.‏

- ‏(‏د ه‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن عبد اللّه بن بسر‏)‏ بسين مهملة له ولأبيه صحبة زارهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وأكل عندهم ودعى لهم قال‏:‏ كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قصعة يقال لها الغراء يحملها أربعة رجال فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتى بتلك القصعة قد أثرد فيها فالتقوا عليها فلما كثروا جثى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقال أعرابي ما هذه الجلسة فذكره ثم قال كلوا من جوانبها وذروا ذروتها يبارك فيها انتهى فهذا بقية المتن كما هو عند مخرجه أبي داود وابن ماجه قال النووي في رياضه إسناده جيد وقال غيره رواته ثقات‏.‏

1719 - ‏(‏إن اللّه تعالى جميل‏)‏ له الجمال المطلق ومن أحق بالجمال من كل جمال في الوجود من آثار صنعته فله جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال ولولا حجاب النور على وجهه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه من خلقه ‏(‏يحب الجمال‏)‏ أي التجمل منكم في الهيئة أو في قلة إظهار الحاجة لغيره وسر ذلك أنه كامل في أسمائه وصفاته فله الكمال المطلق من كل وجه ويحب أسماءه وصفاته ويحب ظهور آثارها في خلقه فإنه من لوازم كماله وهو وتر يحب الوتر جميل يحب الجمال عليم يحب العلماء جواد يحب الجود قوي يحب القوي فالمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف حيي يحب أهل الحياء والوفاء شكور يحب الشاكرين صدوق يحب الصادقين محسن يحب المحسنين إلى غير ذلك‏.‏